كساد سوق عمالة السودانيين بدول الخليج

كساد سوق عمالة السودانيين بدول الخليج
من الملاحظ جداً انخفاض أعداد السودانيين في دول الخليج وعملية احلال واسعة النطاق بجنسيات عربية أخرى في جميع مجالات العمل والتوظيف بعد أن كان السودانيون الرواد الأوائل وأصحاب القدح المعلى في أي مجال يطرقونه إذ أنهم كانوا يفوقون الآخرين علماً وفهماً وأدباً وتأدبا وكانت قناعتهم تجعل أيديهم تباري السنتهم عفةً . لذلك كان أهل الخليج يفضلونهم دون غيرهم أمناء على أبنائهم وتعليمهم وتهذيبهم كما جعلوهم أمناء على أموالهم وخزائنهم .
أسباب عزوف توظيف السودانيين

أولاً ؛ تدني المستوى العلمي والدراسي لأبنائنا عموماً إلا قلة قليلة ولا يدرك هذا التدهور المريع وسقوطه الى درك أسفل إلا الأجيال التي تتراوح أعمارها بين 60 و80 عاماً وكانت لها حظوة في الإغتراف من مناهل الثقافة والمعرفة لما كان العلم أحد أولويات هواجس الحكام والقائمين على أمور الرعية أي عندما كان القطن المحصول النقدي الأول (The main cash crop) وبعبارة أخرى عندما وفرت الدولة التعليم المجاني وكانت وزارة المعارف آنذاك تصرف للتلاميذ والطلاب الكتب والكراسات والأقلام وريشات الكتابة وتُملأ (الدوايات) بالحبر كل صباح سبت وثلاثاء دون أن يُطالب أولياء الأمور بمليم أحمر. وعندما يكون هناك نقص في معلمي المدارس الثانوية كانت وزارة المعارف تقوم بإنتداب معلمين من بريطانيا لتدريس اللغة الإنجليزية ومن الهند ومصر لتدريس العلوم والرياضيات وحتى التربية البدنية (ليس لدي فكرة عن العملة التي تدفع بها مرتباتهم) الى أن قام معهد المعلمين العالي لسد العجز في الكادر التعليمي ، علاوة على ذلك فإن طلاب ذلك الزمان وجدوا التوجيه والدعم والإسناد من آبائهم أو ذويهم المستنيرين في حل أي معضلة دراسية تواجههم . ( أي زوول يكابر ويقول زمان كانوا في جامعتين بس وهسع في55 جامعة فهذا منطق مردود على أصحابه وتسويقه مستحيل لأنو ال 55 جامعة بتخرج سنوياً 100الف خريج غير مؤهل ودبابين لا في العير لا في النفير) وإن أردتم أن تعرفوا الحقيقة فليعقد لهؤلا امتحان إملاء عربي تعج بالكلمات ذات الهمزة على نبرة وعلى السطر وعلى الألف وعلى الواو والغين والقاف وامتحان آخر في قواعد اللغة العربية والإعراب وامتحان في English Dictation , Comprehension ,Composition , Précis , Grammar) ,) وأمتحان جغرافيا بسيط عن خريطة السودان وتوضيع المدن الكبيرة فيه ( وخلوا بالكم من خط اليد باللغتين زي الكأنكم شيلتو ليكم خنفساتة ختيتوها في الحبر وبعد داك ختيتوها في الورقة) وبعد الإمتحانات دي شوفوا (by the end of the pipe) بيطلعوا ليكم كم ؟؟؟
ثانياَ ؛ السبب الثاني هو وجه العملة الآخر للسبب الأول حيث أنه بقدرتدني واضمحلال وانحطاط مستوى التعليم في السودان قابله سمو وعلو في مستوى التعليم في الدول العربية الأخرى فبرع شبابها في اللغات وعلوم الكمبيوتر والأعمال المصرفية والمحاسبية والمهن الطبية والصحافية والإعلامية فتجدهم يشغلون شتى أنواع المناصب وحتى في مهن البناء والتشييد العملاقة . وحدث نوع من الإحلال لأي وظيفة أو مركز كان ينفرد به سوداني لأن بديله لم يعد منافساً وبالتالي لم يعد مرغوباً .
ثالثاً ؛ صراع الجنسيات على الفوز بالمناصب والوظائف وهو صراع تدور رحاه للأسف بين الجنسيات العربية وليس للسودانيين آلة الحرب المستخدمة فيه ولا يعرفونها وغير موجودة في ديدنهم ولا ثقافتهم ولا أخلاقياتهم ولا تربيتهم ومن أساليب ذلك الصراع النفاق الملق والمداهنة والرياء والإفتراء على الآخرين بالكذب والتخرس ولعل أبشعها الدياثة والتدييث وأبسطها نعت الآخرين (بالطيبة) وهي كلمة في قواميسهم تعني السذاجة والغفلة وهم المصدر الرئيسي للنكات (البايخة) التي يتم تبادلها في شكل رسائل على الهواتف الخليوية وهي تسخر من السودانيين وتصفهم بالكسل وذمامة الصور. ولكن عدم الإيمان ينسي العبد قول الرسول الكريم ؛ روي عن أبي هريرة أن رسول الله(ص) قال:”إن الله لا ينظر إلى صوركم وألوانكم، ولكن ينظرإلى قلوبكم وأعمالكم”(مسلم( . إذا كانت تلك الأدوات التي ينبغي أن يتسلح بها الناس للفوز بوظيفة ، فلتذهب الوظيفة الى الجحيم وليبقَ السودانيون على كرم الأخلاق الذي لا يشترى بمال وإن الله لاشك ناصرهم على ظالميهم داخل وطنهم وخارجه .
الحلول
طالما تنصلت الدولة عن مسؤولياتها في تعليم أبناءها وطالما رأت أن مصلحتها تكمن في رزوح أبناء هذا الوطن في غياهب الجهل وطالما صار العسكور يفتون في استراتيجيات التعليم وفوضوا الأمر لصندوق دعم الطلاب صاحب الأمر والنهي وأصبحت له اليد الطولى المطلقة في اتخاذ أكبر القرارات ومنح أرفع الشهادات لمن مكث أكبر مدة من الدبابين في مناطق العمليات ووزراء التربية والتعليم العالي تائهون في بحور التغييب وطالما صار الناس يدفعون الأموال الطائلة لتعليم أبناءهم حتى في مرحلة الأساس ، فليس هناك من حل غير ثورة تعليمية وطنية أو شعبية سموها كما شئتم يتم التخطيط لها بواسطة أولياء الأمور ومجالس الأباء والأمهات والمعلمين وأساتذة الجامعات والمستنيرين من أبناء هذا المجتمع والحادبين والغيورين على هذا البلد والإستفادة من خبرات رجال التعليم السابقين والإستعانة بمكاتب الأمم المتحدة التي تعنى بالتعليم وليجعل المجتمع المدني قضية التعليم أولى أولوياته وعلى جيفة الإنتخابات والحكم فلتتقاتل الضواري والسباع . وأولى أن تدفع هذه الأموال في تعليم يعود بالنفع والفائدة لفلذات الأكباد المظلومين حتى يجدون لهم موقعاً تحت الشمس . وللأبناء أقول ليس لديكم حل غير تجويد العلم والإجتهاد والتحصيل والبراعة في العلوم واللغات حتى تستطيعون الفوز في منافسات العمل في دول المهجر وتكونون خلفاً مثالياً لأبائكم حتي يصلح الله أمر بلادكم . وأنا أنتظر من الإخوة القراء إضافة أي شيء أغفلته ولكم التحايا .
بشار أحمد بشار (ابن برد)
basharibnburd@yahoo.com

Leave a comment